بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد لا يسعني في هذا المقام بعد أن استفحل الأمر، غير أن أوجه النصيحة للحكومة فيما يخص سياستها الإعلانية المستهلكة، والتي أدت لنتائج عكسية سلبية، وردود فعل غاضبة من الشعب، لما في تلك السياسة من استخفاف لعقول البشر، ناهيك عن ضياع مليارات الريالات هنا وهناك، دون أثر ملموس على أرض الواقع. فالمشاريع التنموية الجبارة، بما فيها من استثمارات للبنية التحتية وشتى مجالات التنمية في الوطن، أصبحت خير شاهد على كشف حقيقة ما يصرف، وحقيقة ما ينتج فعلياً. وسأسرد مثال بسيط لما أعنيه، والأمثلة لا حصر لها ولكن أجد مثالي التالي مبسط وواضح لبيان المسألة. كانت هناك حملة إعلانية ضخمة عن التطور الإلكتروني وخصوصاً في مجال الإدارات الحكومية، وأيضاً بما يعرف (بالحكومة الإلكترونية) وتعني تسهيل كافة الإجراءات بطرق الكترونية ميسرة، تحفظ الجهد والوقت للطرفين. فاستبشر المواطن كثيراً، بأنه أخيراً سيشعر بقيمة الوقت في إنهاء معاملاته دون التقيد بالروتين والأنظمة العتيدة والتي عانى منها لسنين طويلة. لكن يبدو أن الفرحة لم تكتمل بعد، ولا أدري هل ستكون هناك فرحة من الأساس أم لا ؟ هذه القصة للكاتب فادي الذهبي (صحيفة الجزيرة) تضع النقاط على الحروف، ويسرد لنا ما حصل له مع إدارة المرور تحديداً، فقد أراد أن يجدد استمارة سيارته، وكما هو معلن أن بإمكان المواطن تعبئة النموذج الخاص من خلال موقع المرور الرسمي على الانترنت، كما يمكن الحصول على متطلبات إنهاء المعاملة. وقام فعلاً بتعبئة النموذج وتجهيز جميع الأوراق المطلوبة حسب الموقع، وتوجه بكل ثقة لإدارة المرور وقدم أوراقه، ولكن المفاجأة، أو لنقل الصدمة أن الموظف أفاده بأن النموذج الذي معه لا تعترف به إدارة المرور ؟!! كما أن هناك أوراق ناقصة، فقال له هذا النموذج من الموقع الرسمي والأوراق المطلوبة كما هي مدونة أيضاً ؟ فأجابه بحزم، لا يوجد غير هذا النموذج الذي لدينا في الإدارة، وهو ما نتعامل به، والأوراق المطلوبة هي ما حددته لك أنا، وأيضاً اذهب واحضر ((الملف العلاقي)) فبدونه لن أقبل أوراقك ؟!!! انتهت القصة هنا، ولكن قصتي تبدأ هنا .. كم صرف على تنفيذ فكرة المشروع ؟ كم صرف على إنشاء موقع إدارة المرور ؟ وكم يصرف لإدارته ؟ وكم يصرف للصيانة والتحديث ؟ وكم يصرف لبرامج الحماية ؟ وكم .. وكم .. وكم .. ولمتى سيستمر الخلط بين التطور الحقيقي، والتطور الإعلامي أي الدعائي فقط ؟؟ أمثلة أخرى كثيرة تعاني من نفس المشكلة، الحكومة تعلن عن تطورات مهمة وحساسة، ويبدأ التنفيذ الفعلي للمشروع، وتعد الميزانية الخاصة (وهي الجزء الأهم في المشروع) ويصبح المشروع حقيقة، ولكنه ليس كما أعلن عنه أو كما خطط له أن يكون، والنتيجة هي ضياع الأموال وبقاء الخدمات كما هي، وكأن شيئاً لم يكن !!ً وأحسن الله عزائكم جميعاً .. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،،