- ` على صوت فيروز سلّم لي عليه ' تعدّل نظارتها و تجذب شعرها بشكل متزمت .. ترتدي الأسود و ترتشف القهوة السوداء و تكحلّ عينيها بالأسود ! تخبئهمُا تحت نظارتها الزجاجية ” غير الطبية ” حتى تمنع بحر عينيها بأن يثور ليغرق أقنعتها .. تعيش لتعلّم طلاّبها الجامعيين كيف يعيشون في الحياة الواقعية .. القاسية جداً ! " صبيحة اليوم عرضت عليها إحدى طالباتها قصيدة غزلية كتبتها .. تأملتها ثم أشاحت بعينيها و ضحكت كثيراً وسط دهشة الجميع .. ثم أردفت : إنكم مهووسون بالحب .. مهووسون بكل ما يدمرّكم ! الحب لا يشيد بستاناً من الورد و لا يبني قصراً من أحلام كما تتخيلون إنه يبني مأساة مزخرفة برسائل معطرة و موقعة من قبل شخصين قتلوا أنفسهم بإسم الحب ! إن مجنون ليلى يبكيكم و يجعلني أضحك كثيرا ً و أتقزز أكثر .. و أراهن كم ليلى في هذه القاعة تحلم برجل مثل قيس .. لا تحلمن .. لأن مجنونها لو حصل عليها لبحث عن ليلى أخرى ! لأننا بشر تغرينا الأشياء البعيدة .. نمقتُ ما بين أيدينا و نلهثُ كثيراً لدرجة أننا في سكرة الموت نتعلق بالحياة التي ضيعناها بملاحقة المستحيلات ! لا تجعلوا نرجسيتكم تدفعكم لخزعبلات الحب الذي اخترعها ” شاعر : .. حتى لا تبكوا كثيراً .. و تدمنوا كثيرا .. وتتعثروا كثيراً و تموتوا أبشع ميته ! عيشوا من أجل أنفسكم فقط فقط ! تودع الجميع بنظرة صارمة و تتجه للمنزل ! تشعل مصباحاً خافتاً .. تنزع سوادها و ترتدي قميصها الحريري الذي يشبه لون الورد .. تلقي بنظارتها و تسمح لعينيها بأن تبوح .. تنثر دموعها على وسادتها ! و تضم رسائله إليها التي تخبؤها في ديوان نزار قباني الموقع بإهداء و مزخرف باسمه .. تمسك بالهاتف .. تضغط على الأرقام و يواجهها الصوت الذي تسمعه لسنتين كل ليلة هذا الرقم الذي طلبته غير موجود بالخدمة مؤقتاً .. هه ! مؤقتاً .. تهمس لأحرفه : لقد سجنتك خلف أضلعي ” مؤبداً ” ! أهـ · لا تصدقوهم حين لا يبكون .. السماء تبكي .. الجدران تبكي .. وكل الكون يبكي ! فكيف بكتلة بشرية قذفها رحم ضيق فخرجت للحياة وهي تبكي ؟ والذي نفسي بيده انك لمبدع وكفى. فجر