عقلانية سوق الاسهم السعودية مبرمجة ام مصطنعة

عقلانية حركة سوق الأسهم السعودية... مبرمجة أم مصطنعة؟
نبيل بن عبد الله المبارك - 08/01/1429هـ
برقية عاجلة: كتبنا قبل أسبوعين وبالتحديد بتاريخ 24 ذي الحجة 1428هـ الموافق 2/1/2008م مع بداية العام الميلادي الحالي - عدد 5196 من هذه الجريدة - تحت عنوان "استمرار خفض الفائدة الأمريكية... التحدي الأبرز أمام دول الخليج في عام 2008م!!!"، وبحكم أن زامر الحي لا يطرب كثيرا، فقد صرح زامرهم بن برنانكي محافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي "أن حالة الاقتصاد الأمريكي في العام الجاري 2008 قد تدهورت" هكذا بالحرف Deteriorated "وقال بعض المحللين إن هذا يعني أن البنك مستعد لإجراء مزيد من الخفض في سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل في نهاية الشهر الجاري أي كانون الثاني (يناير)"، ما يؤكد أن التحدي أمام دول الخليج سيكون أشد وطأة في 2008م، وبشكل أسرع مما توقعنا وعلينا إيجاد حلول!!!

موضوعنا ومباشرة نقول إنه قد يرى الكثيرون أنه ما نشاهده من حركة في سوق الأسهم السعودية منذ قرابة الأربعة أشهر ليس عقلانيا بدليل أن الكثير من الأسهم لم تتحرك، بل إنها قد تكون تراجعت بشكل أو بآخر خلال الفترة الماضية. أقول بكل ثقة إن ما يحدث عقلاني جداً ومنطقي، وهو ليس تطبيلا ولا تهويلا ولكنها الحقيقة. وهو أمر قد يغيب عن ذهن المستثمر الفرد العادي الذي لا يزال يراهن على السوق من خلال تفكير معين لم يعد موجودا أو أنه يحتضر تدريجياً! ويكفي ملاحظة ما يكتب من خلال المنتديات هو إعادة لما كان يكتب منذ ثلاث سنوات، ما يدل على أننا لم ندرك حقيقة ما يجرى خلف الجدران الصينية.
وهنا سنحاول تقديم قراءة بسيطة حتى يستطيع المواطن العادي (وهو الأهم في المعادلة، على الأقل عندي) تكوين تصور شبه دقيق لما يمكن أن يحدث خلال العام الحالي 2008م وما بعده بناء على معطيات معينة وليس حسب حركة المؤشر، أو لوجود معلومات خاصة ولكنها رؤية ومستعد للمراهنة على صحتها!
بداية يقولون في كرة القدم إن سر نجاح اللاعب الموهوب أنه يستطيع "إدارة" الكرة بين رجليه بمهارة وعيناه تراقب الملعب بكامل تفاصيله وتحركات لاعبيه حتى يستطيع تحديد الخطوة اللاحقة بشكل دقيق للوصول إلى الهدف. والنظرة لأسوق المال عموماً والأسهم خصوصا، يجب أن تكون بنفس الفلسفة ذات عميق، ومن خلال معرفة بالتوجهات العامة والرؤية الموضوعة للأمور مع الاستمرار في تطوير المهارات.
أيضا أسواق المال ومهما قيل من نظريات في طريقة عملها والتحاليل الفنية التي أبدعنا في تحريف مفهوم وأهدافها والكيفية التي تعمل بها، فقد أصبح لدينا "خبراء" يحملون كمبيوترات محمولة يتحدثون عن حركة المؤشر وكأنها حركة معزولة عن كل الأساسيات التي عرفها الأقدمون والمعاصرون. وبعد الانهيار اختفوا قليلاً ليعاودوا من جديد والعود أحمد!!! ولكن هذه المرة تختلف الصورة وسأذكرهم بذلك! نقول أسواق المال مهما ابتعدت عن الأساسيات لابد أن تعود لها وإن كان الثمن باهظا، ومع الأسف دفعت الجانب الأضعف في المعادلة!
ما يجري حالياً من تغيرات قد لا تكون مشاهدة بالكامل، ولكن نشاهد أجزاء بسيطة مبعثرة كما تبدو من الوهلة الأولى، ولكن مع تراكم الإنجازات رغم صغرها ستكون النتائج في الأيام المقبلة بأبعاد مختلفة، حيث يتطلب الأمر بناء هياكل معينة ستكون هي ركائز سوق المال في المستقبل القريب. وعملياً بدأنا نشاهد العديد من القواعد الرئيسية لتلك الركائز تبرز شيئا فشيئا، مثل بناء شامخ قد يستغرق العمل في بناء قواعده الأساسية أكثر من بناء الأدوار العلوية، مع الاعتراف بأننا تأخرنا كثيرا في كيفية البناء ولكن أن نصل متأخرين خير من ألا نصل. والدوافع لذلك محلية وعالمية وليس لدينا من خيارات إلا الوصول.

ومن القواعد التي بدأها السوق:

أولا: العمل التدريجي على تغيير هيكلية السوق من ناحية سيطرة المستثمرين الذين يستثمرون بشكل مباشر في السوق، ورغم أن البعض يعتقد أن النسبة زادت حيث يمثل الأفراد الآن نحو 92 في المائة مقابل 8 في المائة للمؤسسات، وهو أمر صحيح، إلا أن الثقل (القيمة) التي لدى النسبة القليلة تعتبر نسبة صانع سوق ومتحكم فيه، وبالتالي فإن المضاربين لم يعودوا مضاربين ولكن مضروبين على رؤوسهم! وكونهم لا يستطيعوا رد الضربة فإنهم سيحاولون من خلال شركاتهم التي تحمل أسعاراً مبالغا بها ضرب من لا يزالون يراهنون عليهم وخير دليل حركة أسعار قطاعي التأمين والزراعي التي لا تخفى على ذي بصيرة!
ثانياً: هيكلة قطاعات السوق وإعادة تركيبة المؤشر رغم أنها تبدو ذات تأثير محدود للوهلة الأولى، إلا أنها في حقيقة الأمر ذات أثر رئيسي، وسنشاهد على أرض الواقع بعد نيسان (أبريل) من العام الحالي أن بإمكان هيئة سوق المال اتخاذ العديد من القرارات التي لم يكن بالإمكان اتخاذها في السابق بوجود الهيكل الحالي. وسيكون العديد منها مؤلما لعدد من الشركات والأفراد الذين لم يتعلمون الدرس الأول، فلعلهم يتعلموا الدرس الثاني.
ثالثا: القرارات المتخذة في السابق، التي مرت مرور الكرام، ستكون في 2008م أكثر وضوحا، إنما يبقى أن يكون الإعلام عموماً في مستوى إعطاء الصورة الكاملة لما يجري ونتائج ما يجري حتى وإن تطلب ذلك المزيد من التكرار غير الممل. فمثلا أخيرا تم الانتهاء من اكتتاب شركة بترورابغ، وفي شباط (فبراير) سيكون لدينا اكتتاب شركة زين السعودية وكذلك في نيسان (أبريل) اكتتاب مصرف الإنماء، وهما معا يشكلون كقيمة إجمالي ما طرح في عام 2007م، حيث بلغ عدد الشركات المطروحة في ذلك العام نحو 26 شركة مساهمة. وكلها اكتتابات تعتبر فرصة قد لا تتكرر، خصوصا أن "زين" ومصرف الإنماء ستطرحان بالقيمة الاسمية. وبالتالي كل ما آملة ألا يبيع المواطن سهما واحدا من تلك الأسهم بعد طرحها للتداول وأن يحتفظ بها كأسهم استثمار، وليراهن على أنها ستكون استثمارا حقيقيا له ولأسرته. وأخيرا أجزم أن الكاسب في الفترة المقبلة هو الذي يدرك أبعاد ما يجري، وما اتخذ ويتخذ من قرارات في سوق المال، وبالتالي يتعامل مع السوق بمنظور مختلف، إيجابي بطبيعة الحال ولكنها إيجابية مدروسة، حيث التاريخ هنا لا يعيد نفسه.

يعطيك العافية يابو ماجد
وتقبل مروري

مشكور أخوي
يعطيك العافية